فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو حيان:

و{وتركنا} هذا الضمير لله تعالى والأظهر أن الضمير في {بعضهم} عائد على يأجوج ومأجوج، والجملة المحذوفة بعد إذ المعوض منها التنوين مقدرة بإذ جاء الوعد وهو خروجهم وانتشارهم في الأرض أو مقدرة بإذ حجز السد بينهم وبين القوم الذين كانوا يفسدون عندهم وهم متعجبون من السد فماج بعضهم في بعض.
وقيل: الضمير في {بعضهم} يعود على الخلق أي يوم إذ جاء وعد الله وهو يوم القيامة ويقويه قوله: {ونفخ في الصور} فيظهر أن ذلك هو يوم القيامة، وكذلك ما جاء بعده من الجمع وعرض جهنم وتقدم الكلام على النفخ في الصور في سورة الأنعام.
و{جمعًا} مصدر كموعد {وعرضنا} أي أبرزنا {جهنم يومئذ} أي يوم إذ جمعناهم.
وقيل: اللام بمعنى على كقوله:
فخر صريعًا لليدين وللفم

وأبعد من ذهب إلى أنه مقلوب.
والتقدير وعرضنا الكافرين على جهنم {عرضًا} وتخصيصه بالكافرين بشارة للمؤمنين.
و{الذين كانت أعينهم} صفة ذم في {غطاءٍ} استعار الغطاء لأعينهم، والمراد أنهم لا يبصرون آياتي التي ينظر إليها فيعتبر بها، واذكر بالتعظيم وهذا على حذف مضاف أي عن آيات {ذكري}.
وقيل {عن ذكري} عن القرآن وتأمل معانيه، ويكون المراد بالأعين هنا البصائر لا الجوارح لأن الجوارح لا نسبة بينها وبين الذكر {وكانوا لا يستطيعون سمعًا} مبالغة في انتفاء السمع إذ نفيت الاستطاعة، وهم وإن كانوا صمًا لأن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به، وكان هؤلاء أصمت أسماعهم فلا استطاعة بهم للسمع {أفحسب الذين كفروا} هم من عبد الملائكة وعزيرًا والمسيح واتخذوهم أولياء من دون الله وهم بعض العرب واليهود والنصارى، وهو استفهام فيه معنى الإنكار والتوبيخ، والمعنى أنهم ليس لهم من ولاية هؤلاء الذين تولوهم شيء، ولا يجدون عندهم منتفعًا ويظهر أن في الكلام حذفًا والتقدير {أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} فيجدي ذلك وينتفعون بذلك الاتخاذ.
وقيل: العباد هنا الشياطين.
روي عن ابن عباس وقال مقاتل: الأصنام لأنها خلقه وملكه، والأظهر تفسير العباد بما قلناه لإضافتهم إليه والأكثر أن تكون الإضافة في مثل هذا اللفظ إضافة تشريف.
وحسب هنا بمعنى ظن وبه قرأ عبد الله أفظن.
وقرأ عليّ بن أبي طالب وزيد بن علي بن الحسين ويحيى بن يعمر ومجاهد وعكرمة وقتادة ونعيم بن ميسرة والضحاك وابن أبي ليلى وابن كثير ويعقوب بخلاف عنهما وابن محيصن وأبو حيوة والشافعي ومسعود بن صاح {أفحسب} بإسكان السين وضم الباء مضافًا إلى {الذين} أي أفكافيهم ومحسبهم ومنتهى عرضهم، والمعنى أن ذلك لا يكفيهم ولا ينفعهم عند الله كما حسبوا.
وقال أبو الفضل الرازي قال سهل: يعني أبا حاتم معناه: أفحسبهم وحظهم إلاّ أن {أفحسب} أبلغ في الذم لأنه جعله غاية مرادهم انتهى. وارتفع حسب على الابتداء والخبر {أن يتخذوا}.
وقال الزمخشري: أو على الفعل والفاعل لأن اسم الفاعل إذا اعتمد على الهمزة ساوى الفعل في العمل كقولك: أقائم الزيدان وهي قراءة محكمة جيدة انتهى.
والذي يظهر أن هذا الإعراب لا يجوز لأن حسبًا ليس باسم فاعل فتعمل، ولا يلزم من تفسير شيء بشيء أن تجري عليه جميع أحكامه، وقد ذكر سيبويه أشياء من الصفات التي تجري مجرى الأسماء وأن الوجه فيها الرفع.
ثم قال: وذلك مررت برجل خير منه أبوه، ومررت برجل سواء عليه الخير والشر، ومررت برجل أب له صاحبه، ومررت برجل حسبك من رجل، ومررت برجل أيما رجل هو انتهى.
ولا يبعد أن يرفع به الظاهر فقد أجازوا في مررت برجل أبي عشرة أبوه ارتفاع أبوه بأبي عشرة لأنه في معنى والد عشرة.
{إنّا أعتدنا} أي أعددنا ويسرنا والنزل موضع النزول والنزل أيضًا ما يقدم للضيف ويهيأ له وللقادم من الطعام، والنزل هنا يحتمل التفسيرين وكونه موضع النزول قاله الزجاج هنا، وما هيىء من الطعام للنزيل قول القتبي.
وقيل: جمع نازل ونصبه على الحال نحو شارف وشرف، فإن كان ما تقدم للضيف وللقادم فيكون كقوله: {فبشرهم بعذاب أليم} وكقول الشاعر:
تحية بينهم ضرب وجيع

وقرأ أبو حيوة وأبو عمرو بخلاف عنه {نزلًا} بسكون الزاي. اهـ.

.قال أبو السعود:

قوله عز وجل: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ}.
كلامٌ مَسوقٌ من جنابه تعالى معطوفٌ على قوله تعالى: {جَعَلَهُ دَكَّاء} ومحقِّقٌ لمضمونه أي جعلنا بعضَ الخلائق {يَوْمَئِذٍ} أي يوم إذ جاء الوعدُ بمجيء بعضِ مباديه {يَمُوجُ في بَعْضٍ} آخرَ منهم يضطربون اضطرابَ أمواجِ البحر ويختلط إنسُهم وجنُّهم حَيارى من شدة الهول، ولعل ذلك قبل النفخةِ الأولى، أو تركنا بعضَ يأجوجَ ومأجوجَ يموج في بعض آخرَ منهم حين يخرُجون من السد مزدحمين في البلاد. روي أنهم يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابَّه ثم يأكلون الشجرَ ومن ظفِروا به ممن لم يتحصّن منهم من الناس، ولا يقدِرون أن يأتوا مكةَ والمدينة وبيتَ المقدسِ ثم يبعث الله عز وجل نَغَفًا في أقفائهم فيدخُل آذانَهم فيموتون موتَ نفس واحدة، فيرسل الله تعالى عليهم طيرًا فتلقيهم في البحر ثم يرسل مطرًا يغسل الأرض ويطهرها من نَتْنهم حتى يترُكها كالزَّلَفة ثم يوضع فيها البركة وذلك بعد نزولِ عيسى عليه الصلاة والسلام وقتْل الدجال.
{وَنُفِخَ في الصور} هي النفخةُ الثانية بقضية الفاء قوله تعالى: {فجمعناهم} ولعل عدمَ التعرضِ لذكر النفخةِ الأولى لأنها داهيةٌ عامةٌ ليس فيها حالةٌ مختصة بالكفار، ولئلا يقعَ الفصلُ بين ما يقع منها في النشأة الأولى من الأحوال والأهوالِ، وبين ما يقع منها في النشأة الآخرة، أي جمعنا الخلائقَ بعدما تفرقت أوصالُهم وتمزقت أجسادُهم في صعيد واحدٍ للحساب والجزاء {جَمْعًا} أي جمعًا عجيبًا لا يُكتَنُه كُنهُه.
{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ} أي أظهرناها وأبرزناها {يَوْمَئِذٍ} أي يومَ إذْ جمعنا الخلائقَ كافة {للكافرين} منهم حيث جعلناها بحيث يرَوْنها ويسمعون لها تغيظًا وزفيرًا {عَرْضًا} أي عرضًا فظيعًا هائلًا لا يُقادَر قدرُه، وتخصيصُ العَرض بهم مع أنها بمرأى من أهل الجمعِ قاطبةً لأن ذلك لأجلهم خاصة.
{الذين كَانَتْ} وهم في الدنيا {أَعْيُنُهُمْ في غِطَاء} كثيف وغشاوةٍ غليظة مُحاطةٍ من جميع الجوانب {عَن ذِكْرِى} عن الآيات المؤديةِ لأولي الأبصار المتدبرين فيها إلى ذكري بالتوحيد والتمجيدِ، أو كانت أعينُ بصائِرهم في غطاء عن ذكري على وجه يليق بشأني أو عن القرآن الكريم {وَكَانُواْ} مع ذلك {لاَ يَسْتَطِيعُونَ} لفَرْط تصامِّهم عن الحق وكمالِ عداوتهم للرسول عليه الصلاة والسلام {سَمْعًا} استماعًا لذكري وكلامي الحقِّ الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، وهذا تمثيلٌ لإعراضهم عن الأدلة السمعيةِ كما أن الأولَ تصويرٌ لتعاميهم عن الآيات المشاهَدةِ بالأبصار، والموصولُ نعتٌ للكافرين أو بدلٌ منه أو بيانٌ جيء به لذمهم بما في حيز الصلةِ وللإشعار بعلّيته لإصابة ما أصابهم من عرض جهنمَ لهم، فإن ذلك إنما هو لعدم استعمالِ مشاعرِهم فيما عَرَض لهم في الدنيا من الآيات وإعراضِهم عنها مع كونها أسبابًا منجِّيةً عما ابتُلوا به في الآخرة.
{أَفَحَسِبَ الذين كَفَرُواْ} أي كفروا بي كما يُعرب عنه قوله تعالى: {عِبَادِى} والحُسبان بمعنى الظن وقد قرئ: {أفظنّ} والهمزةُ للإنكار والتوبيخِ على معنى إنكارِ الواقعِ واستقباحِه، كما في قولك: أضربتَ أباك؟ لا إنكارِ الوقوعِ، كما في قوله: أأضرِب أبي؟ والفاء للعطف على مقدر يُفصح عنه الصلةُ على توجيه الإنكارِ والتوبيخِ إلى المعطوفَين جميعًا كما إذا قُدّر المعطوفُ عليه في قوله تعالى: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} منفيًا أي لا تسمعون فلا تعقلون لا إلى المعطوف فقط كما إذا قُدّر مُثْبتًا أي أتسمعون فلا تعقلون، والمعنى أكفروا بي مع جلالة شأني فحسِبوا {أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِى} من الملائكة وعيسى وعُزيرٍ عليهم السلام وهم تحت سلطاني وملكوتي {أَوْلِيَاء} معبودين ينصُرونهم من بأسي، وما قيل إنها للعطف على ما قبلها من قوله تعالى: {كَانَتْ}.. إلخ. {وَكَانُواْ}.. إلخ. دَلالةً على أن الحُسبانَ ناشىءٌ من التعامي والتصامِّ وأُدخل عليها همزةُ الإنكار ذمًا على ذم وقطعًا له عن المعطوف عليهما لفظًا لا معنى للإيذان بالاستقلال المؤكّدِ للذم يأباه تركُ الإضمار والتعرضُ لوصف آخرَ غيرِ التعامي والتصامِّ على أنهما أُخرجا مُخرَجَ الأحوال الجِبِلّية لهم، ولم يذكروا من حيث إنهما من أفعالهم الاختيارية الحادثة كحُسبانهم ليحسُن تفريعُه عليهما، وأيضًا فإنه دينٌ قديمٌ لا يمكن جعلُه ناشئًا عن تصامّهم عن كلام الله عز وجل، وتخصيصُ الإنكار بحُسبانهم المتأخرِ عن ذلك تعسّفٌ لا يخفى، وما في حيز صلةِ أن سادٌّ مسدَّ مفعولَيْ حسِب كما في قوله تعالى: {وَحَسِبُواْ أَن لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي أفحسبوا أنهم يتخذونهم أولياءَ على معنى أن ذلك ليس من الاتخاذ في شيء لِما أنه إنما يكون من الجانبين، وهم عليهم الصلاة والسلام منزَّهون عن وَلايتهم بالمرة لقولهم: {سبحانك أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ} وقيل: مفعولُه الثاني محذوفٌ أي أفحسبوا اتخاذَهم نافعًا لهم، والوجهُ هو الأولُ لأن في هذا تسليمًا لنفس الاتخاذِ واعتدادًا به في الجملة، وقرئ: {أفحَسْبُ الذين كفروا} أي أفحسبُهم وكافيهم أن يتخذوهم أولياءَ على الابتداء والخبرِ، أو الفعلِ والفاعل فإن النعتَ إذا اعتمد الهمزةَ ساوى الفعلَ في العمل، فالهمزة حينئذ بمعنى إنكار الوقوع {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ} أي هيأناها {للكافرين} المعهودين، عدلَ عن الإضمار ذمًّا لهم وإشعارًا بأن ذلك الاعتادَ بسبب كفرهم المتضمّنِ لحسبانهم الباطل {نُزُلًا} أي شيئًا يتمتعون به عند ورودِهم وهو ما يقام للنزيل أي الضيفِ مما حضر من الطعامِ، وفيه تخطئةٌ لهم في حسبانهم وتهكّمٌ بهم حيث كان اتخاذُهم إياهم أولياءَ من قبيل إعتاد العتادِ وإعدادِ الزاد ليوم المعاد، فكأنه قيل: إنا أعتدنا لهم مكان ما أعدّوا لأنفسهم من العُدة والذُّخْر جهنمَّ عُدّةً. وفي إيراد النُزُل إيماءٌ إلى أن لهم وراءَ جهنمَ من العذاب ما هو أنموذجٌ له، وقيل: النزلُ موضعُ النزول، ولذلك فسره ابن عباس رضي الله عنهما بالمثوى. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ}.
كلام مسوق من جنابه سبحانه وتعالى وضمير الجمع المجرور عند بعض المحققين للخلائق، والترك بمعنى الجعل وهو من الأضداد، والعطف على قوله تعالى: {جَعَلَهُ دَكّاءَ} [الكهف: 98] وفيه تحقيق لمضمونه، ولا يضر في ذلك كونه محكيًا عن ذي القرنين أي جعلنا بعض الخلائق {يَوْمَئِذٍ} أي يوم إذ جاء الوعد بمجىء بعض مباديه {يَمُوجُ في بَعْضٍ} آخر منهم، والموج مجاز عن الاضطراب أي يضطربون اضطراب البحر يختلط إنسهم وجنهم من شدة الهول وروي هذا عن ابن عباس، ولعل ذلك لعظائم تقع قبل النفخة الأولى، وقيل: الضمير للناس والمراد وجعلنا بعض الناس يوم إذ جاء الوعد بخروج يأجوج ومأجوج يموج في بعض آخر لفزعهم منهم وفرارهم وفيه بعد؛ وقيل: الضمير للناس أيضًا، والمراد وجعلنا بعض الناس يوم إذ تم السد يموج في بعضهم للنظر إليه والتعجيب منه ولا يخفى أن هذا يتعجب منه.
وقال أبو حيان: الأظهر كون الضمير ليأجوج ومأجوج أي وتركنا بعض يأجوج ومأجوج يموج في بعض آخر منهم حين يخرجون من السد مزدحمين في البلاد وذلك بعد نزول عيسى عليه السلام، ففي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان بعد ذكر الدجال وهلاكه بباب لد على يده عليه السلام ثم يأتي عيسى عليه السلام قومًا قد عصمهم الله تعالى من الدجال فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينماهم كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام أني قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله تعالى يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس فينشفون الماء ويتحصن الناس منهم في حصونهم ويضمون إليهم مواشيهم فيشربون مياه الأرض حتى أن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يبسًا حتى أن من يمر من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول قد كان هاهنا ماء مرة ويحصر عيسى نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور ورأس الحمار لأحدهم خيرًا من مائة دينار؛ وفي رواية مسلم وغيره فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم نقتل من في السماء فيرمون نشابهم إلى السماء فيردها الله تعالى عليهم مخضوبة دمًا للبلاء والفتنة فيرغب نبي الله وأصحابه إلى الله تعالى فيرسل عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى، وفي رواية داود كالنغف في أعناقهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة لا يسمع لهم حس فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو فيتجرد رجل منهم محتسبًا نفسه قد وطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي يا معشر المسلمين ألا أبشروا إن الله عز وجل قد كفاكم عدوكم فيخرجون من مداينهم وحصونهم فيسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعى إلا لحومهم فتشكر أحسن ما شكرت عن شيء ويهبط نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون فيها موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيستغيثون بالله تعالى فيبعث الله سبحانه ريحًا يمانية غبراء فتصير على الناس غمًا ودخانًا ويقع عليهم الزكمة ويكشف ما بهم بعد ثلاثة أيام وقد قذفت الأرض جيفهم في البحر، وفي رواية فيرغب نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الله عز وجل فيرسل طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله تعالى، وفي رواية فترميهم في البحر وفي أخرى في النار ولا منافاة كما يظهر بأدنى تأمل ثم يرسل الله عز وجل مطرًا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذٍ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ويوقد المسلمون من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين، ولعل الله تعالى يحفظ ذلك في الأودية ومواضع السيول زيادة في سرور المسلمين أو يحفظها حيث هلكوا ولا يلقيها معهم حيث شاء ولا يعجز الله تعالى شيء، والحديث يدل على كثرتهم جدًا، ويؤيد ذلك ما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود مرفوعًا أن يأجوج ومأجوج أقل ما يترك أحدهم من صلبه ألفًا من الذرية. وحمله بعضهم على طول العمر.